شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة غزوة أحد

صفحة 272 - الجزء 14

  أخرى فقال رسول الله ÷ من لهذه الكتيبة فقال المزني أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتى ولت ثم رجع فطلعت كتيبة أخرى فقال النبي ÷ من يقوم لهؤلاء فقال المزني أنا يا رسول الله فقال قم وأبشر بالجنة.

  فقال المزني مسرورا يقول والله لا أقيل ولا أستقيل فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف ورسول الله ÷ ينظر إليه والمسلمون حتى خرج من أقصى الكتيبة ورسول الله ÷ يقول اللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك وهم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قد خلصت إلى مقتلي ومثل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل فكان عمر بن الخطاب يقول إن أحب ميتة أموت عليها لما مات عليها المزني.

  قال الواقدي وكان بلال بن الحارث المزني يحدث يقول شهدنا القادسية مع سعد بن أبي وقاص فلما فتح الله علينا وقسمت بيننا غنائمنا أسقط فتى من آل قابوس من مزينة فجئت سعدا حين فزع من نومه فقال بلال قلت بلال قال مرحبا بك من هذا معك قلت رجل من قومي قال ما أنت يا فتى من المزني الذي قتل يوم أحد قال ابن أخيه قال سعد مرحبا وأهلا أنعم الله بك عينا لقد شهدت من ذلك الرجل يوم أحد مشهدا ما شهدت من أحد قط لقد رأيتنا وقد أحدق المشركون بنا من كل ناحية ورسول الله ÷ وسطنا والكتائب تطلع من كل ناحية وإن رسول الله ÷ يرمي ببصره في الناس يتوسمهم ويقول من لهذه الكتيبة كل ذلك يقول المزني أنا يا رسول الله كل ذلك يرد الكتيبة فما أنسى آخر مرة قالها فقال له رسول الله ÷ قم