شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل

صفحة 35 - الجزء 15

  يتوكأ على السعدين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ ثم انصرف إلى بيته والناس في المسجد يوقدون النيران يتمكدون بها من الجراح ثم أذن بلال بالعشاء حين غاب الشفق فلم يخرج رسول الله ÷ فجلس بلال عند بابه ÷ حتى ذهب ثلث الليل ثم ناداه الصلاة يا رسول الله فخرج وقد كان نائما قال فرمقته فإذا هو أخف في مشيته منه حين دخل بيته فصليت معه العشاء ثم رجع إلى بيته قد صفف له الرجال ما بين بيته إلى مصلاه يمشي وحده حتى دخل ورجعت إلى أهلي فخبرتهم بسلامته فحمدوا الله وناموا وكانت وجوه الأوس والخزرج في المسجد على النبي ÷ يحرسونه فرقا من قريش أن تكر.

  قال الواقدي وخرجت فاطمة # في نساء وقد رأت الذي بوجه أبيها ÷ فاعتنقته وجعلت تمسح الدم عن وجهه ورسول الله ÷ يقول اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله وذهب علي # فأتى بماء من المهراس وقال لفاطمة أمسكي هذا السيف غير ذميم فنظر إليه رسول الله ÷ مختضبا بالدم فقال لئن كنت أحسنت القتال اليوم فلقد أحسن عاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسيف أبي دجانة غير مذموم هكذا روى الواقدي.

  وروى محمد بن إسحاق أن عليا # قال لفاطمة بيتي شعر وهما:

  أفاطم هاء السيف غير ذميم ... فلست برعد يد ولا بلئيم

  لعمري لقد جاهدت في نصر أحمد ... وطاعة رب بالعباد رحيم

  فقال رسول الله ÷ لئن كنت صدقت القتال اليوم لقد صدق معك سماك بن خرشة وسهل بن حنيف.