شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل

صفحة 36 - الجزء 15

  قال الواقدي فلما أحضر علي # الماء أراد رسول الله ÷ أن يشرب منه فلم يستطع وقد كان عطشا ووجد ريحا من الماء كرهها فقال هذا ماء آجن فتمضمض منه للدم الذي كان بفيه ثم مجه وغسلت فاطمة به الدم عن أبيها ÷ فخرج محمد بن مسلمة يطب مع النساء وكن أربع عشرة امرأة قد جئن من المدينة يتلقين الناس منهن فاطمة # يحملن الطعام والشراب على ظهورهن ويسقين الجرحى ويداوينهم.

  قال الواقدي قال كعب بن مالك رأيت عائشة وأم سليم على ظهورهما القرب تحملانها يوم أحد وكانت حمنة بنت جحش تسقي العطشى وتداوي الجرحى فلم يجد محمد بن مسلمة عندهن ماء ورسول الله ÷ قد اشتد عطشه فذهب محمد بن مسلمة إلى قناة ومعه سقاؤه حتى استقى من حسى قناة عند قصور التميميين اليوم فجاء بماء عذب فشرب منه رسول الله ÷ ودعا له بخير وجعل الدم لا ينقطع من وجهه # وهو يقول لن ينالوا منا مثلها حتى نستلم الركن فلما رأت فاطمة الدم لا يرقأ وهي تغسل جراحه وعلي يصب الماء عليها بالمجن أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم ويقال إنها داوته بصوفة محرقة وكان رسول الله ÷ بعد يداوي الجراح الذي في وجهه بعظم بال حتى ذهب أثره ولقد مكث يجد وهن ضربة ابن قميئة على عاتقه شهرا أو أكثر من شهر ويداوي الأثر الذي في وجهه بعظم.

  قال الواقدي وقال رسول الله ÷ قبل أن ينصرف إلى المدينة من يأتينا بخبر سعد بن الربيع فإني رأيته وأشار بيده إلى ناحية من الوادي قد شرع فيه اثنا عشر سنانا فخرج محمد بن مسلمة ويقال أبي بن كعب نحو تلك الناحية قال فأنا وسط القتلى لتعرفهم إذ مررت به صريعا في الوادي فناديته فلم يجب ثم قلت إن رسول الله ÷ أرسلني إليك قال فتنفس كما يتنفس الطير ثم قال