31 - ومن وصيته # للحسن # كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين
  استقر عليه رأي المتأخرين من أصحابنا أن عليا أرفع المسلمين كافة عند الله تعالى بعد رسول الله ÷ من الذكور والإناث وفاطمة امرأة من المسلمين وإن كانت سيدة نساء العالمين ويدل على ذلك أنه قد ثبت أنه أحب الخلق إلى الله تعالى بحديث الطائر وفاطمة من الخلق وأحب الخلق إليه سبحانه أعظمهم ثوابا يوم القيامة على ما فسره المحققون من أهل الكلام وإن أريد بالأفضل الأشرف نسبا ففاطمة أفضل لأن أباها سيد ولد آدم من الأولين والآخرين فليس في آباء علي # مثله ولا مقارنه وإن أريد بالأفضل من كان رسول الله ÷ أشد عليه حنوا وأمس به رحما ففاطمة أفضل لأنها ابنته وكان شديد الحب لها والحنو عليها جدا وهي أقرب إليه نسبا من ابن العم لا شبهة في ذلك.
  فأما القول في أن عليا شرف بها أو شرفت به فإن عليا # كانت أسباب شرفه وتميزه على الناس متنوعة فمنها ما هو متعلق بفاطمة # ومنها ما هو متعلق بأبيها ÷ ومنها ما هو مستقل بنفسه.
  فأما الذي هو مستقل بنفسه فنحو شجاعته وعفته وحلمه وقناعته وسجاحة أخلاقه وسماحة نفسه وأما الذي هو متعلق برسول الله ÷ فنحو علمه ودينه وزهده وعبادته وسبقه إلى الإسلام وإخباره بالغيوب.
  وأما الذي يتعلق بفاطمة # فنكاحه لها حتى صار بينه وبين رسول الله ÷ الصهر المضاف إلى النسب والسبب وحتى إن ذريته منها صارت ذرية لرسول الله ÷ وأجزاء من ذاته # وذلك لأن الولد إنما يكون من مني الرجل ودم المرأة وهما جزءان من ذاتي الأب والأم ثم هكذا أبدا في ولد الولد ومن بعده من البطون دائما فهذا هو القول في شرف علي # بفاطمة.