بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان
  عليه أو تكون على أصلها أي ما كرهت تنبيهك لأجله.
  فإن قلت إلى الآن ما فسرت لما ذا كره تنبيهه على هذا الفن قلت بلى قد أشرت إليه وهو أنه كره أن يعدل به عن تفسير القرآن وعلم الفقه إلى الخوض في الأمور الأصولية فنبهه على أمور يجره النظر وتأمل الأدلة والشبهات إليها دقيقة يخاف على الإنسان من الخوض فيها أن تضطرب عقيدته إلا أنه لم يجد به بدا من تنبيهه على أصول الديانة وإن كان كارها لتعريضه لخطر الشبهة فنبهه على أمور جملية غير مفصلة وأمره أن يلزم ذلك ولا يتجاوزه إلى غيره وأن يمسك عما يشتبه عليه وسيأتي ذكر ذلك: وَاِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اَللَّهِ وَاَلاِقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اَللَّهُ عَلَيْكَ وَاَلْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ اَلْأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ وَاَلصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى اَلْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَاَلْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَتَعَلُّمٍ لاَ بِتَوَرُّطِ اَلشُّبُهَاتِ وَعُلَقِ اَلْخُصُومَاتِ وَاِبْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذَلِكَ بِالاِسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ وَاَلرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ وَتَرْكِ كُلِّ شَائِبَةٍ أَوْلَجَتْكَ فِي شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلاَلَةٍ فَإِنْ أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ وَتَمَّ رَأْيُكَ فَاجْتَمَعَ وَكَانَ هَمُّكَ فِي ذَلِكَ هَمّاً وَاحِداً فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ وَإِنْ أَنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ وَفَرَاغِ نَظَرِكَ وَفِكْرِكَ