شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان

صفحة 83 - الجزء 16

  وَ أَدْنَاهُمْ إِلَى مِنْ مَحَلَّتِهِمْ وَمَثَلُ مَنِ اِغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ فَلَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَلاَ أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ حذا عليه يحذو واحتذى مثاله يحتذي أي اقتدى به وقوم سفر بالتسكين أي مسافرون.

  وأموا قصدوا والمنزل الجديب ضد المنزل الخصيب.

  والجناب المريع بفتح الميم ذو الكلإ والعشب وقد مرع الوادي بالضم.

  والجناب الفناء ووعثاء الطريق مشقتها.

  وجشوبة المطعم غلظه طعام جشيب ومجشوب ويقال إنه الذي لا أدم معه.

  يقول مثل من عرف الدنيا وعمل فيها للآخرة كمن سافر من منزل جدب إلى منزل خصيب فلقي في طريقه مشقة فإنه لا يكترث بذلك في جنب ما يطلب وبالعكس من عمل للدنيا وأهمل أمر الآخرة فإنه كمن يسافر إلى منزل ضنك ويهجر منزلا رحيبا طيبا وهذا من قول رسول الله ÷ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر