شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان

صفحة 82 - الجزء 16

  وأبنت عن إغوائه ... في دين أحمد ذي الرشاد

  وجعلت أوجه ناصريه ... محممات بالسواد

  وكففت من غلوائهم ... بعد التمرد والعناد

  فكأنما نخل الرماد ... عليهم بعد الرماد

  وقصدت وجهك أبتغي ... حسن المثوبة في المعاد

  فأفض على العبد الفقير ... إليكم نور السداد

  وارزقه قبل الموت ... معرفة المصائر والمبادي

  وافكك أسير الحرص ... باللأصفاد من أسر الصفاد

  واغسل بصفو القرب من ... أبوابكم كدر البعاد

  وأعضه من حر الغليل ... بوصلكم برد الفؤاد

  وارحم عيونا فيك ... هامية وقلبا فيك صاد

  يا ساطح الأرض المهاد ... وممسك السبع الشداد

  يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلدُّنْيَا وَحَالِهَا وَزَوَالِهَا وَاِنْتِقَالِهَا وَأَنْبَأْتُكَ عَنِ اَلآْخِرَةِ وَمَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا وَضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا اَلْأَمْثَالَ لِتَعْتَبِرَ بِهَا وَتَحْذُوَ عَلَيْهَا إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ اَلدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصِيباً وَجَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ اَلطَّرِيقِ وَفِرَاقَ اَلصَّدِيقِ وَخُشُونَةَ اَلسَّفَرِ وَجُشُوبَةَ اَلمَطْعَمِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَمَنْزِلَ قَرَارِهِمْ فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَلاَ يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً وَلاَ شَيْ ءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ