شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق

صفحة 97 - الجزء 16

  مَنْ أَكْثَرَ أَهْجَرَ وَمَنْ تَفَكَّرَ أَبْصَرَ قَارِنْ أَهْلَ اَلْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ وَبَايِنْ أَهْلَ اَلشَّرِّ تَبِنْ عَنْهُمْ بِئْسَ اَلطَّعَامُ اَلْحَرَامُ وَظُلْمُ اَلضَّعِيفِ أَفْحَشُ اَلظُّلْمِ إِذَا كَانَ اَلرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ اَلْخُرْقُ رِفْقاً رُبَّمَا كَانَ اَلدَّوَاءُ دَاءً وَاَلدَّاءُ دَوَاءً وَرُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ اَلنَّاصِحِ وَغَشَّ اَلْمُسْتَنْصَحُ وَإِيَّاكَ وَاَلاِتِّكَالَ عَلَى اَلْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ اَلنَّوْكَى وَاَلْعَقْلُ حِفْظُ اَلتَّجَارِبِ وَخَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ بَادِرِ اَلْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَلاَ كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبُ وَمِنَ اَلْفَسَادِ إِضَاعَةُ اَلزَّادِ وَمَفْسَدَةُ اَلْمَعَادِ وَلِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ سَوْفَ يَأْتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ اَلتَّاجِرُ مُخَاطِرٌ وَرُبَّ يَسِيرٍ أَنْمَى مِنْ كَثِيرٍ هذا الكلام قد اشتمل على أمثال كثيرة حكمية.

  أولها قوله تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وهذا مثل قولهم أنت قادر على أن تجعل صمتك كلاما ولست بقادر على أن تجعل كلامك صمتا وهذا حق لأن الكلام يسمع وينقل فلا يستطاع إعادته صمتا والصمت عدم الكلام فالقادر على الكلام قادر على أن يبدله بالكلام وليس الصمت بمنقول ولا مسموع فيتعذر استدراكه.