شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق

صفحة 126 - الجزء 16

  إلي من أن يخلو بك الحجاج فأخبره الوليد بذلك وهو يمازحه فقال يا أمير المؤمنين دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول فإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فلا تطلعها على سرك ومكايدة عدوك فلما دخل الوليد عليها أخبرها وهو يمازحها بمقالة الحجاج فقالت يا أمير المؤمنين حاجتي أن تأمره غدا أن يأتيني مسلما ففعل ذلك فأتاها الحجاج فحجبته فلم يزل قائما ثم أذنت له فقالت يا حجاج أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتلك ابن الزبير وابن الأشعث أما والله لو لا أن الله علم أنك شر خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة الحرام ولا بقتل ابن ذات النطاقين أول مولود في دار هجرة الإسلام وأما نهيك أمير المؤمنين عن مفاكهة النساء وبلوغ لذاته وأوطاره فإن كن ينفرجن عن مثلك فما أحقه بالأخذ منك وإن كن ينفرجن عن مثله فهو غير قابل لقولك أما والله لقد نقص نساء أمير المؤمنين الطيب من غدائرهن فبعنه في أعطية أهل الشام حين كنت في أضيق من قرن قد أظلتك رماحهم وأثخنك كفاحهم وحين كان أمير المؤمنين أحب إليهم من أبنائهم وآبائهم فأنجاك الله من عدو أمير المؤمنين بحبهم إياه قاتل الله القائل حين ينظر إليك وسنان غزالة بين كتفيك:

  أسد علي وفي الحروب نعامة ... ربداء تنفر من صفير الصافر

  هلا برزت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر

  قم فاخرج فقام فخرج