شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نسب زياد ابن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه

صفحة 183 - الجزء 16

  بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي وأقسم قسما مبرورا إلا أوتى بك إلا في زمارة تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق وأبيعك عبدا وأردك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه والسلام.

  فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا وجمع الناس وصعد المنبر فحمد الله ثم قال ابن آكلة الأكباد وقاتلة أسد الله ومظهر الخلاف ومسر النفاق ورئيس الأحزاب ومن أنفق ماله في إطفاء نور الله كتب إلي يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها وعما قليل تصيرها الرياح قزعا والذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة أفمن إشفاق علي تنذر وتعذر كلا ولكن ذهب إلى غير مذهب وقعقع لمن ربي بين صواعق تهامة كيف أرهبه وبيني وبينه ابن بنت رسول الله ÷ وابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والله لو أذن لي فيه أو ندبني إليه لأريته الكواكب نهارا ولأسعطته ماء الخردل دونه الكلام اليوم والجمع غدا والمشورة بعد ذلك إن شاء الله ثم نزل.

  وكتب إلى معاوية أما بعد فقد وصل إلي كتابك يا معاوية وفهمت ما فيه فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة إنما يكفر النعم ويستدعي النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فأما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك وخوفي أن أدعى سفيها لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء وأما تعييرك لي بسمية فإن كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة وأما زعمك أنك تختطفني بأضعف ريش وتتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صغير