نسب زياد ابن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه
  كتاركة بيضها بالعراء ... وملحفة بيض أخرى جناحا
  وقد رأيت أن أعطف عليك ولا أؤاخذك بسوء سعيك وأن أصل رحمك وأبتغي الثواب في أمرك فاعلم أبا المغيرة إنك لو خضت البحر في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى انقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فإن بني عبد شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح فارجع رحمك الله إلى أصلك واتصل بقومك ولا تكن كالموصول بريش غيره فقد أصبحت ضال النسب ولعمري ما فعل بك ذلك إلا اللجاج فدعه عنك فقد أصبحت على بينة من أمرك ووضوح من حجتك فإن أحببت جانبي ووثقت بي فأمره بأمره وإن كرهت جانبي ولم تثق بقولي ففعل جميل لا علي ولا لي والسلام.
  فرحل المغيرة بالكتاب حتى قدم فارس فلما رآه زياد قربه وأدناه ولطف به فدفع إليه الكتاب فجعل يتأمله ويضحك فلما فرغ من قراءته وضعه تحت قدمه ثم قال حسبك يا مغيرة فإني أطلع على ما في ضميرك وقد قدمت من سفرة بعيدة فقم وأرح ركابك قال أجل فدع عنك اللجاج يرحمك الله وارجع إلى قومك وصل أخاك وانظر لنفسك ولا تقطع رحمك قال زياد إني رجل صاحب أناة ولي في أمري روية فلا تعجل علي ولا تبدأني بشيء حتى أبدأك ثم جمع الناس بعد يومين أو ثلاثة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم وارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان وفكرت فيهم فوجدتهم كالأضاحي في كل عيد يذبحون ولقد أفنى هذان اليومان يوم الجمل وصفين ما ينيف على مائة ألف كلهم يزعم أنه طالب حق وتابع إمام وعلى بصيرة من أمره فإن كان الأمر هكذا فالقاتل والمقتول في الجنة كلا