فصل في النهي عن سماع السعاية وما ورد ذلك من الآثار
  وقورع فقرع وهو خلف أمير المؤمنين ولا خلف منه فقال معاوية أوسعت يا أبا أمية فاجلس فإنما أردنا بعض هذا.
  وأثنى رجل على علي # في وجهه ثناء أوسع فيه وكان عنده متهما فقال له أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك وقال ابن عباس لعتبة بن أبي سفيان وقد أثنى عليه فأكثر رويدا فقد أمهيت يا أبا الوليد يعني بالغت يقال أمهى حافر البئر إذا استقصى حفرها.
  فأما قوله # ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء فقد أخذه الصابي فقال وإذا لم يكن للمحسن ما يرفعه وللمسيء ما يضعه زهد المحسن في الإحسان واستمر المسيء على الطغيان وقال أبو الطيب:
  شر البلاد بلاد لا صديق بها ... وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
  وشر ما قبضته راحتي قنص ... شهب البزاة سواء فيه والرخم
  وكان يقال قضاء حق المحسن أدب للمسيء وعقوبة المسيء جزاء للمحسن: وَاِعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْ ءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ وَالٍ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَتَخْفِيفِهِ اَلْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ وَتَرْكِ اِسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ اَلظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ اَلظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلاً وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلاَؤُكَ عِنْدَهُ