شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في النهي عن سماع السعاية وما ورد ذلك من الآثار

صفحة 47 - الجزء 17

  وَ لاَ تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَاِجْتَمَعَتْ بِهَا اَلْأُلْفَةُ وَصَلَحَتْ عَلَيْهَا اَلرَّعِيَّةُ وَلاَ تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْ ءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ اَلسُّنَنِ فَيَكُونَ اَلْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَاَلْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا وَأَكْثِرْ مُدَارَسَةَ اَلْعُلَمَاءِ وَمُنَاقَشَةَ اَلْحُكَمَاءِ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلاَدِكَ وَإِقَامَةِ مَا اِسْتَقَامَ بِهِ اَلنَّاسُ قَبْلَكَ خلاصة صدر هذا الفصل أن من أحسن إليك حسن ظنه فيك ومن أساء إليك استوحش منك وذلك لأنك إذا أحسنت إلى إنسان وتكرر منك ذلك الإحسان تبع ذلك اعتقادك أنه قد أحبك ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر وهو أنك تحبه لأن الإنسان مجبول على أن يحب من يحبه وإذا أحببته سكنت إليه وحسن ظنك فيه وبالعكس من ذلك إذا أسأت إلى زيد لأنك إذا أسأت إليه وتكررت الإساءة تبع ذلك اعتقادك أنه قد أبغضك ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر وهو أن تبغضه أنت وإذا أبغضته انقبضت منه واستوحشت وساء ظنك به.

  قال المنصور للربيع سلني لنفسك قال يا أمير المؤمنين ملأت يدي فلم يبق عندي موضع للمسألة قال فسلني لولدك قال أسألك أن تحبه فقال المنصور يا ربيع إن الحب لا يسأل وإنما هو أمر تقتضيه الأسباب قال يا أمير المؤمنين وإنما أسألك أن تزيد من إحسانك فإذا تكرر أحبك وإذا أحبك أحببته فاستحسن