شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر ما نصحت به الأوائل الوزراء

صفحة 86 - الجزء 17

  وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ اَلْيُتْمِ وَذَوِي اَلرِّقَّةِ فِي اَلسِّنِّ مِمَّنْ لاَ حِيلَةَ لَهُ وَلاَ يَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَذَلِكَ عَلَى اَلْوُلاَةِ ثَقِيلٌ وَاَلْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ وَقَدْ يُخَفِّفُهُ اَللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا اَلْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَوَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اَللَّهِ لَهُمْ انتقل من التجار وأرباب الصناعات إلى ذكر فقراء الرعية ومغموريها فقال وأهل البؤسى وهي البؤس كالنعمى للنعيم والزمنى أولو الزمانة.

  والقانع السائل والمعتر الذي يعرض لك ولا يسألك وهما من ألفاظ الكتاب العزيز.

  وأمره أن يعطيهم من بيت مال المسلمين لأنهم من الأصناف المذكورين في قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}⁣[الأنفال: ٤١] وأن يعطيهم من غلات صوافي الإسلام وهي الأرضون التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكانت صافية لرسول الله ÷ فلما قبض صارت لفقراء المسلمين ولما يراه الإمام من مصالح الإسلام.

  ثم قال له فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى أي كل فقراء المسلمين سواء في سهامهم ليس فيها أقصى وأدنى أي لا تؤثر من هو قريب إليك أو إلى أحد من خاصتك على من هو بعيد ليس له سبب إليك ولا علقة بينه وبينك ويمكن أن يريد به لا تصرف غلات ما كان من الصوافي في بعض البلاد إلى مساكين ذلك