شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الحجاب وما ورد فيه من الخبر والشعر

صفحة 92 - الجزء 17

  فأدخلهم فتمعرت وجوه القوم فقال سهيل بن عمرو لم تتمعر وجوهكم دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا ولئن حسدتموهم على باب عمر اليوم لأنتم غدا لهم أحسد.

  واستأذن أبو سفيان على عثمان فحجبه فقيل له حجبك فقال لا عدمت من أهلي من إذا شاء حجبني.

  وحجب معاوية أبا الدرداء فقيل لأبي الدرداء حجبك معاوية فقال من يغش أبواب الملوك يهن ويكرم ومن صادف بابا مغلقا عليه وجد إلى جانبه بابا مفتوحا إن سأل أعطي وإن دعا أجيب وإن يكن معاوية قد احتجب فرب معاوية لم يحتجب.

  وقال أبرويز لحاجبه لا تضعن شريفا بصعوبة حجاب ولا ترفعن وضيعا بسهولته ضع الرجال مواضع أخطارهم فمن كان قديما شرفه ثم ازدرعه ولم يهدمه بعد آبائه فقدمه على شرفه الأول وحسن رأيه الآخر ومن كان له شرف متقدم ولم يصن ذلك حياطة له ولم يزدرعه تثمير المغارسة فألحق بآبائه من رفعة حاله ما يقتضيه سابق شرفهم وألحق به في خاصته ما ألحق بنفسه ولا تأذن له إلا دبريا وإلا سرارا ولا تلحقه بطبقة الأولين وإذا ورد كتاب عامل من عمالي فلا تحبسه عني طرفة عين إلا أن أكون على حال لا تستطيع الوصول إلي فيها وإذا أتاك من يدعي النصيحة لنا فلتكتبها سرا ثم أدخله بعد أن تستأذن له حتى إذا كان مني بحيث أراه فادفع إلي كتابه فإن أحمدت قبلت وإن كرهت رفضت وإن أتاك عالم مشتهر بالعلم والفضل يستأذن فأذن له فإن العلم شريف وشريف صاحبه ولا تحجبن عني أحدا من أفناء الناس إذا أخذت مجلسي مجلس العامة فإن الملك لا يحجب إلا عن ثلاث عي يكره أن يطلع عليه منه أو بخل يكره أن يدخل عليه من يسأله أو ريبة هو مصر عليها فيشفق من إبدائها