شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

طرف من أخبار عمر بن عبد العزيز ونزاهته في خلافته

صفحة 107 - الجزء 17

  وَ حَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ وَيَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ فَلاَ إِدْغَالَ وَلاَ مُدَالَسَةَ وَلاَ خِدَاعَ فِيهِ وَلاَ تَعْقِدْهُ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ اَلْعِلَلَ وَلاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ اَلْقَوْلِ قَوْلٍ بَعْدَ اَلتَّأْكِيدِ وَاَلتَّوْثِقَةِ وَلاَ يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اَللَّهِ إِلَى طَلَبِ اِنْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْرٍ تَرْجُو اِنْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَأَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اَللَّهِ طِلْبَةٌ لاَ تَسْتَقِيلُ تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَلاَ آخِرَتَكَ أمره أن يقبل السلم والصلح إذا دعي إليه لما فيه من دعة الجنود والراحة من الهم والأمن للبلاد ولكن ينبغي أن يحذر بعد الصلح من غائلة العدو وكيده فإنه ربما قارب بالصلح ليتغفل أي يطلب غفلتك فخذ بالحزم واتهم حسن ظنك لا تثق ولا تسكن إلى حسن ظنك بالعدو وكن كالطائر الحذر.

  ثم أمره بالوفاء بالعهود قال واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت أي ولو ذهبت نفسك فلا تغدر.

  وقال الراوندي الناس مبتدأ وأشد مبتدأ ثان ومن تعظيم الوفاء خبره وهذا المبتدأ الثاني مع خبره خبر المبتدإ الأول ومحل الجملة نصب لأنها خبر ليس ومحل ليس مع اسمه وخبره رفع لأنه خبر فإنه وشيء اسم ليس ومن فرائض الله حال ولو تأخر لكان صفة لشيء والصواب أن شيء اسم ليس وجاز ذلك وإن كان نكرة لاعتماده على النفي ولأن الجار والمجرور قبله في موضع الحال كالصفة فتخصص بذلك وقرب من المعرفة والناس مبتدأ وأشد خبره وهذه الجملة المركبة من مبتدإ