الطعن الرابع
  لو جاز أن تكون السرايا والحروب عن اجتهاده لجاز أن تكون الأحكام كلها عن اجتهاده وأيضا فإن الصحابة كانوا يراجعونه في الحروب وآراءه التي يدبرها بها ويرجع # إليهم في كثير منها بعد أن قد رأى غيره وأما الأحكام فلم يكن يراجع فيها أصلا فكيف يحمل أحد البابين على الآخر.
  فأما قوله لو كانت عن اجتهاد لوجب أن يحرم مخالفته فيها وهو حي لا فرق بين الحالين فلقائل أن يقول القياس يقتضي ما ذكرت إلا أنه وقع الإجماع على أنه لو كان في الأحكام أو في الحروب والجهاد ما هو باجتهاده لما جازت مخالفته والعدول عن مذهبه وهو حي لم يختلف أحد من المسلمين في ذلك وأجازوا مخالفته بعد وفاته بتقدير أن يكون ما صار إليه عن اجتهاد والإجماع حجة.
  فأما قول قاضي القضاة لأن اجتهاده وهو حي أولى من اجتهاد غيره فليس يكاد يظهر لأن اجتهاده وهو ميت أولى أيضا من اجتهاد غيره ويغلب على ظني أنهم فرقوا بين حالتي الحياة والموت فإن في مخالفته وهو حي نوعا من أذى له وأذاه محرم لقوله تعالى {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ}[الأحزاب: ٥٣] والأذى بعد الموت لا يكون فافترق الحالان.
  وثالثها أنه لو كان الإمام منصوصا عليه لجاز أن يسترد جيش أسامة أو بعضه لنصرته فكذلك إذا كان بالاختيار وهذا قد منع منه المرتضى وقال إنه لا يجوز للمنصوص عليه ذلك ولا أن يولي من عزله رسول الله ÷ ولا أن يعزل من ولاه رسول الله ÷