شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الخبر عن فتح مكة

صفحة 269 - الجزء 17

  بديل وحكيم فتوجهت به فلما مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا من هذا فإذا رأوني قالوا عم رسول الله ÷ على بغلة رسول الله حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فلما رآني قال من هذا قلت العباس فذهب ينظر فرأى أبا سفيان خلفي فقال أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد ولا عقد ثم خرج يشتد نحو رسول الله ÷ وركضت البغلة حتى اجتمعنا جميعا على باب قبة رسول الله ÷ فدخلت ودخل عمر بن الخطاب على أثري فقال عمر يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني أضرب عنقه فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم لزمت رسول الله ÷ فقلت والله لا يناجيه الليلة أحد دوني فلما أكثر عمر فيه قلت مهلا يا عمر فإنه لو كان رجلا من عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنه أحد بني عبد مناف فقال عمر مهلا يا أبا الفضل فو الله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب أو قال من إسلام رجل من ولد الخطاب لو أسلم فقال رسول الله ÷ اذهب به فقد أجرناه فليبت عندك حتى تغدو به علينا إذا أصبحت فلما أصبحت غدوت به فلما رآه رسول الله ÷ قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم لا إله إلا الله قال بأبي أنت ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك قد كان يقع في نفسي أن لو كان مع الله إله آخر لأغنى قال يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله قال بأبي أنت ما أحلمك وأكرمك وأعظم عفوك أما هذه فو الله إن في النفس منها لشيئا بعد قال العباس فقلت ويحك تشهد وقل لا إله الله محمد رسول الله قبل أن تقتل فتشهد وقال العباس يا رسول الله إنك قد عرفت أبا سفيان وفيه الشرف والفخر فاجعل له شيئا فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق داره فهو آمن ثم قال خذه فاحبسه بمضيق الوادي إلى خطم الجبل