شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الخبر عن فتح مكة

صفحة 273 - الجزء 17

  عليهم فخرج أبو سفيان حتى دخل من كداء وهو ينادي من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن حتى انتهى إلى هند بنت عتبة فقالت ما وراءك قال هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد وقد جعل لي أنه من دخل داري فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن فقالت قبحك الله من رسول قوم وجعلت تقول ويحكم اقتلوا وافدكم قبحه الله من وافد قوم فيقول أبو سفيان ويحكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإني رأيت ما لم تروا الرجال والكراع والسلاح ليس لأحد بهذا طاقة محمد في عشرة آلاف فأسلموا تسلموا وقال المبرد في الكامل أمسكت هند برأس أبي سفيان وقالت بئس طليعة القوم والله ما خدشت خدشا يا أهل مكة عليكم الحميت الدسم فاقتلوه قال الحميت الزق المزفت.

  قال الواقدي وخرج أهل مكة إلى ذي طوى ينظرون إلى رسول الله ÷ وانضوى إلى صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو ناس من أهل مكة ومن بني بكر وهذيل فلبسوا السلاح وأقسموا لا يدخل محمد مكة عنوة أبدا وكان رجل من بني الدؤل يقال له حماس بن قيس بن خالد الدؤلي لما سمع برسول الله ÷ جلس يصلح سلاحه فقالت له امرأته لم تعد السلاح قال لمحمد وأصحابه وإني لأرجو أن أخدمك منهم خادما فإنك إليه محتاجة قالت ويحك لا تفعل لا تقاتل محمدا والله ليضلن هذا عنك لو رأيت محمدا وأصحابه قال سترين وأقبل رسول الله ÷ وهو على ناقته القصواء معتجرا ببرد حبرة وعليه عمامة سوداء ورايته سوداء ولواؤه أسود حتى وقف بذي طوى وتوسط الناس وإن عثنونه ليمس واسطة الرحل أو يقرب منه تواضعا لله حيث رأى ما رأى من الفتح وكثرة المسلمين وقال لا عيش إلا عيش الآخرة.