شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الخبر عن فتح مكة

صفحة 283 - الجزء 17

  أصابهم من لم يكن لدمائهم ... كفاء فعزت عبرتي وتلددي

  ذؤيبا وكلثوما وسلمى تتابعوا ... جميعا فإلا تدمع العين أكمد

  على أن سلمى ليس منهم كمثله ... وإخوته وهل ملوك كأعبد

  فإني لا عرضا خرقت ولا دما ... هرقت ففكر عالم الحق واقصد

  قال الواقدي وكانت كلمته هذه قد بلغت رسول الله ÷ قبل أن يفتح مكة فنهنهت عنه وكلمه يوم الفتح نوفل بن معاوية الدؤلي فقال يا رسول الله أنت أولى الناس بالعفو ومن منا لم يعادك ولم يؤذك ونحن في جاهلية لا ندري ما نأخذ وما ندع حتى هدانا الله بك وأنقذنا بيمنك من الهلكة وقد كذب عليه الركب وكثروا في أمره عندك فقال رسول الله ÷ دع الكب عنك أنا لم نجد بتهامة أحدا من ذوي رحم ولا بعيد الرحم كان أبر بنا من خزاعة فاسكت يا نوفل فلما سكت قال رسول الله ÷ قد عفوت عنه فقال نوفل فداك أبي وأمي.

  قال الواقدي وجاءت الظهر فأمر رسول الله ÷ بلالا أن يؤذن فوق ظهر الكعبة وقريش في رءوس الجبال ومنهم من قد تغيب وستر وجهه خوفا من أن يقتلوا ومنهم من يطلب الأمان ومنهم من قد أمن فلما أذن بلال وبلغ إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله ÷ رفع صوته كأشد ما يكون قال تقول جويرية بنت أبي جهل قد لعمري رفع لك ذكرك فأما الصلاة فسنصلي ولكن والله لا نحب من قتل الأحبة أبدا ولقد كان جاء أبي الذي جاء محمدا من النبوة فردها ولم يرد خلاف قومه.

  وقال خالد بن سعيد بن العاص الحمد لله الذي أكرم أبي فلم يدرك هذا اليوم