أقوال وحكايات حول الحمقى
  العوض لم يجز أن يقال إن العوض يحط السيئات بنفسه لا على قول أصحابنا ولا على قول الإمامية أما الإمامية فإنهم مرجئة لا يذهبون إلى التحابط وأما أصحابنا فإنهم لا تحابط عندهم إلا في الثواب والعقاب فأما العقاب والعوض فلا تحابط بينهما لأن التحابط بين الثواب والعقاب إنما كان باعتبار التنافي بينهما من حيث كان أحدهما يتضمن الإجلال والإعظام والآخر يتضمن الاستخفاف والإهانة ومحال أن يكون الإنسان الواحد مهانا معظما في حال واحدة ولما كان العوض لا يتضمن إجلالا وإعظاما وإنما هو نفع خالص فقط لم يكن منافيا للعقاب وجاز أن يجتمع للإنسان الواحد في الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب والعوض إما بأن يوفر العوض عليه في دار الدنيا وإما بأن يوصل إليه في الآخرة قبل عقابه إن لم يمنع الإجماع من ذلك في حق الكافر وإما أن يخفف عليه بعض عقابه ويجعل ذلك بدلا من العوض الذي كان سبيله أن يوصل إليه وإذا ثبت ذلك وجب أن يجعل كلام أمير المؤمنين # على تأويل صحيح وهو الذي أراده # لأنه كان أعرف الناس بهذه المعاني ومنه تعلم المتكلمون علم الكلام وهو أن المرض والألم يحط الله تعالى عن الإنسان المبتلى به ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفة تفضلا منه سبحانه فلما كان إسقاط العقاب متعقبا للمرض وواقعا بعده بلا فصل جاز أن يطلق اللفظ بأن المرض يحط السيئات ويحتها حت الورق كما جاز أن يطلق اللفظ بأن الجماع يحبل المرأة وبأن سقي البذر الماء ينبته إن كان الولد والزرع عند المتكلمين وقعا من الله تعالى على سبيل الاختيار لا على الإيجاب ولكنه أجرى العادة وأن يفعل ذلك عقيب الجماع وعقيب سقي البذر الماء.
  فإن قلت أيجوز أن يقال إن الله تعالى يمرض الإنسان المستحق للعقاب ويكون إنما أمرضه ليسقط عنه العقاب لا غير.