شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خباب بن الأرت

صفحة 175 - الجزء 18

  ٤٥ - وَقَالَ # قَدْرُ اَلرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَعِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ قد تقدم الكلام في كل هذه الشيم والخصال ثم نقول هاهنا إن كبر الهمة خلق مختص بالإنسان فقط وأما سائر الحيوانات فليس يوجد فيها ذلك وإنما يتجرأ كل نوع منها الفعل بقدر ما في طبعه وعلو الهمة حال متوسطة محمودة بين حالتين طرفي رذيلتين وهما الندح وتسمية الحكماء التفتح وصغر الهمة وتسمية الناس الدناءة فالتفتح تأهل الإنسان لما لا يستحقه وصغر الهمة تركه لما يستحقه لضعف في نفسه فهذان مذمومان والعدالة وهي الوسط بينهما محمودة وهي علو الهمة وينبغي أن يعلم أن المتفتح جاهل أحمق وصغير الهمة ليس بجاهل ولا أحمق ولكنه دنيء ضعيف قاصر وإذا أردت التحقيق فالكبير الهمة من لا يرضى بالهمم الحيوانية ولا يقنع لنفسه أن يكون عند رعاية بطنه وفرجه بل يجتهد في معرفة صانع العالم ومصنوعاته وفي اكتساب المكارم الشرعية ليكون من خلفاء الله وأوليائه في الدنيا ومجاوريه في الآخرة ولذلك قيل من عظمت همته لم يرض بقنية مستردة وحياة مستعارة فإن أمكنك