سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات
  ١٩١ - وَقَالَ # وَقَدْ مَرَّ بِقَذَرٍ عَلَى مَزْبَلَةٍ هَذَا مَا بَخِلَ بِهِ اَلْبَاخِلُونَ وَرُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالْأَمْسِ قد سبق القول في مثل هذا وأن الحسن البصري مر على مزبلة فقال انظروا إلى بطهم ودجاجهم وحلوائهم وعسلهم وسمنهم والحسن إنما أخذه من كلام أمير المؤمنين # وقال ابن وكيع في قول المتنبي:
  لو أفكر العاشق في منتهى ... حسن الذي يسبيه لم يسبه
  إنه أراد لو أفكر في حاله وهو في القبر وقد تغيرت محاسنه وسالت عيناه قال وهذا مثل قولهم لو أفكر الإنسان فيما يئول إليه الطعام لعافته نفسه.
  وقد ضرب العلماء مثلا للدنيا ومخالفة آخرها أولها ومضادة مباديها عواقبها فقالوا إن شهوات الدنيا في القلب لذيذة كشهوات الأطعمة في المعدة وسيجد الإنسان عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة والنتن والقبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا طبختها المعدة وبلغت غاية نضجها وكما أن الطعام كلما كان ألذ طعما وأظهر حلاوة كان رجيعه أقذر وأشد نتنا فكذلك كل شهوة في القلب أشهى وألذ وأقوى