شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات

صفحة 16 - الجزء 19

  ١٩٣ - وَقَالَ # إِنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ اَلْأَبْدَانُ فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ اَلْحِكْمَةِ هذا قد تكرر وتكرر منا ذكر ما قيل في إجمام النفس والتنفيس عنها من كرب الجد والإحماض وفسرنا معنى قوله # فابتغوا لها طرائف الحكمة وقلنا المراد ألا يجعل الإنسان وقته كله مصروفا إلى الأنظار العقلية في البراهين الكلامية والحكمية بل ينقلها من ذلك أحيانا إلى النظر في الحكمة الخلقية فإنها حكمة لا تحتاج إلى إتعاب النفس والخاطر.

  فأما القول في الدعابة فقد ذكرناه أيضا فيما تقدم وأوضحنا أن كثيرا من أعيان الحكماء والعلماء كانوا ذوي دعابة مقتصدة لا مسرفة فإن الإسراف فيها يخرج صاحبه إلى الخلاعة ولقد أحسن من قال:

  أفد طبعك المكدود بالجد راحة ... تجم وعلله بشيء من المزح

  ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن ... بمقدار ما يعطى الطعام من الملح