سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات
  ١٩٤ - وَقَالَ # لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ اَلْخَوَارِجِ لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ معنى قوله سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[الأنعام: ٥٧] أي إذا أراد شيئا من أفعال نفسه فلا بد من وقوعه بخلاف غيره من القادرين بالقدرة فإنه لا يجب حصول مرادهم إذا أرادوه ألا ترى ما قبل هذه الكلمة {يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[يوسف: ٦٧] خاف عليهم من الإصابة بالعين إذا دخلوا من باب واحد فأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة ثم قال لهم وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اَللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ أي إذا أراد الله بكم سوءا لم يدفع عنكم ذلك السوء ما أشرت به عليكم من التفرق ثم قال {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[يوسف: ٦٧] أي ليس حي من الأحياء ينفذ حكمه لا محالة ومراده لما هو من أفعاله إلا الحي القديم وحده فهذا هو معنى هذه الكلمة وضلت الخوارج عندها فأنكروا على أمير المؤمنين # موافقته على التحكيم وقالوا كيف يحكم وقد قال الله سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[يوسف: ٦٧] فغلطوا لموضع اللفظ المشترك وليس هذا الحكم هو ذلك الحكم فإذن هي كلمة حق يراد بها باطل لأنها حق على المفهوم الأول ويريد بها الخوارج نفي كل ما يسمى حكما إذا صدر عن غير الله تعالى وذلك باطل لأن الله تعالى قد أمضى حكم المخلوقين في كثير من الشرائع