شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ مما قيل في السلطان

صفحة 176 - الجزء 19

  ٢٩٠ - وَقَالَ # قَطَعَ اَلْعِلْمُ عُذْرَ اَلْمُتَعَلِّلِينَ هذا أيضا قريب مما تقدم يقول قطع العلم عذر الذين يعللون أنفسهم بالباطل ويقولون إن الرب كريم رحيم فلا حاجة لنا إلى إتعاب أنفسنا بالعبادة كما قال الشاعر:

  قدمت على الكريم بغير زاد ... من الأعمال ذا ذنب عظيم

  وسوء الظن أن تعتد زادا ... إذا كان القدوم على الكريم

  وهذا هو التعليل بالباطل فإن الله تعالى وإن كان كريما رحيما عفوا غفورا إلا أنه صادق القول وقد توعد العصاة وقال {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ١٥ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ١٦}⁣[الانفطار: ١٤ - ١٦] وقال {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}⁣[ق: ٢٨ - ٢٩] ويكفي في رحمته وعفوه وكرمه أن يغفر للتائب أو لمن ثوابه أكثر مما يستحقه من العقاب فالقول بالوعيد معلوم بأدلة السمع المتظاهرة المتناصرة التي قد أطنب أصحابنا في تعدادها وإيضاحها وإذا كان الشيء معلوما فقد قطع العلم به عذر أصحاب التعلل والتمني ووجب العمل بالمعلوم ورفض ما يخالفه