شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من الأقوال الحكيمة في وصف حال الدنيا وصروفها

صفحة 303 - الجزء 19

  ٣٧٨ - وَقَالَ # لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَنْصَارِيِّ يَا جَابِرُ قِوَامُ اَلدِّينِ وَاَلدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ عَالِمٍ يَسْتَعْمِلُ مُسْتَعْمِلٍ عِلْمَهُ وَجَاهِلٍ لاَ يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَجَوَادٍ لاَ يَبْخَلُ بِمَعْرُوفِهِ وَفَقِيرٍ لاَ يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ فَإِذَا ضَيَّعَ اَلْعَالِمُ عِلْمَهُ اِسْتَنْكَفَ اَلْجَاهِلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَإِذَا بَخِلَ اَلْغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ بَاعَ اَلْفَقِيرُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ يَا جَابِرُ مَنْ كَثُرَتْ نِعْمَةُ نِعَمُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَثُرَتْ حَوَائِجُ اَلنَّاسِ إِلَيْهِ فَمَنْ قَامَ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ فِيهَا عَرَّضَ نِعْمَةَ اَللَّهِ لِدَوَامِهَا وَمَنْ ضَيَّعَ مَا يَجِبُ لِلَّهِ فِيهَا عَرَّضَ نِعْمَتَهُ لِزَوَالِهَا لِلَّهِ فِيهَا بِمَا يَجِبُ فِيهَا عَرَّضَهَا لِلدَّوَامِ وَاَلْبَقَاءِ وَمَنْ لَمْ يَقُمْ فِيهَا بِمَا يَجِبُ عَرَّضَهَا لِلزَّوَالِ وَاَلْفَنَاءِ قد تقدم القول في هذه المعاني والحاصل أنه ربط اثنتين من أربعة إحداهما بالأخرى وكذلك جعل في الاثنتين الأخريين فقال إن قوام الدين والدنيا بأربعة عالم يستعمل علمه يعني يعمل ولا يقتصر على أن يعلم فقط ولا يعمل وجاهل لا يستنكف أن يتعلم وأضر ما على الجهلاء الاستنكاف من التعلم فإنهم يستمرون على الجهالة إلى الموت والثالث جواد لا يبخل بالمعروف والرابع فقير لا يبيع آخرته بدنياه أي لا يسرق ولا يقطع الطريق أو يكتسب الرزق من حيث لا يحبه الله كالقمار والمواخير والمزاجر والمآصر ونحوها.