شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ مما قيل في حال الدنيا وهوانها واغترار الناس بها

صفحة 335 - الجزء 19

  ٣٩٤ - وَقَالَ # مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ اَلنَّارُ وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ اَلْجَنَّةُ وَكُلُّ نَعِيمٍ دُونَ اَلْجَنَّةِ فَهُوَ مَحْقُورٌ وَكُلُّ بَلاَءٍ دُونَ اَلنَّارِ عَافِيَةٌ موضع بعده النار رفع لأنه صفة خير الذي بعد ما وخير يرفع لأنه اسم ما وموضع الجار والمجرور نصب لأنه خبر ما والباء زائدة مثلها في قولك ما أنت بزيد كما تزاد في خبر ليس والتقدير ما خير تتعقبه النار بخير كما تقول ما لذة تتلوها نغصة بلذة ولا ينقدح في ما الوجهان اللذان ذكرهما أرباب الصناعة النحوية في لا في قولهم لا خير بخير بعده النار أحدهما ما ذكرناه في ما والآخر أن يكون موضع بعده النار جرا لأنه صفة خير المجرور ويكون معنى الباء معنى في كقولك زيد بالدار وفي الدار ويصير تقدير الكلام لا خير في خير تعقبه النار وذلك أن ما تستدعي خبرا موجودا في الكلام بخلاف لا فإن خبرها محذوف في مثل قولك لا إله إلا الله ونحوه أي في الوجود أو لنا أو ما أشبه ذلك وإذا جعلت بعده صفة خير المجرور لم يبق معك ما تجعله خبر ما.

  وأيضا فإن معنى الكلام يفسد في ما بخلاف لا لأن لا لنفي الجنس فكأنه