شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

عبد الله بن الزبير وذكر طرف من أخباره

صفحة 135 - الجزء 20

  دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال اسمع أبياتا قلتها عاتبتك فيها قال هات فأنشده:

  لعمري ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول

  وإني أخوك الدائم العهد لم أزل ... إن أعياك خصم أو نبا بك منزل

  أحارب من حاربت من ذي عداوة ... وأحبس يوما إن حبست فأعقل

  وإن سؤتني يوما صفحت إلى غد ... ليعقب يوم منك آخر مقبل

  ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدل

  إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل

  ويركب حد السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف معدل

  وكنت إذا ما صاحب مل صحبتي ... وبدل شرا بالذي كنت أفعل

  قلبت له ظهر المجن ولم أقم ... على الضيم إلا ريثما أتحول

  وفي الناس إن رثت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلى متحول

  إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر تقبل

  فقال معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا خبيب وبينما هما في ذلك دخل معن بن أوس المزني فقال له معاوية إيه هل أحدثت بعدنا شيئا قال نعم قال قل فأنشد هذه الأبيات فعجب معاوية وقال لابن الزبير ألم تنشدها لنفسك آنفا فقال أنا سويت المعاني وهو ألف الألفاظ ونظمها وهو بعد ظئري فما قال من شيء فهو لي وكان ابن الزبير مسترضعا في مزينة فقال معاوية وكذبا يا أبا خبيب فقام عبد الله فخرج.