شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

حديث عن إمرئ القيس

صفحة 216 - الجزء 20

  هديتها فقالت أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدا ويبعد قريبا وأن أمي ذهبت تشق النفس نفسين وأن أخي ذهب يراعي الشمس وأن سماءكم انشقت وأن وعاءيكم نضبا.

  فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال أما قولها أن أبي ذهب يقرب بعيدا ويبعد قريبا فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه وأما قولها إن أمي ذهبت تشق النفس نفسين فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء وأما قولها إن أخي ذهب يراعي الشمس فإن أخاها في سرح له يرعاه فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به وأما قولها إن سماءكم انشقت فإن البرد الذي بعثت به انشق وأما قولها إن وعاءيكم نضبا فإن النحيين اللذين بعثت بهما نقصا فاصدقني فقال يا مولاي إني نزلت بماء من مياه العرب فسألوني عن نسبي فأخبرتهم أني ابن عمك ونشرت الحلة ولبستها وتجملت بها فتعلقت بسمرة فانشقت وفتحت النحيين فأطعمت منهما أهل الماء فقال أولى لك ثم ساق مائة من الإبل وخرج نحوها ومعه العبد يسقي الإبل فعجز فأعانه إمرؤ القيس فرمى به العبد في البئر وخرج حتى أتى إلى أهل الجارية بالإبل فأخبرهم أنه زوجها فقيل لها قد جاء زوجك فقالت والله ما أدري أزوجي هو أم لا ولكن انحروا له جزورا وأطعموه من كرشها وذنبها ففعلوا فأكل ما أطعموه فقالت اسقوه لبنا حازرا وهو الحامض فسقوه فشرب فقالت افرشوا له عند الفرث والدم ففرشوا له فنام فلما أصبحت أرسلت إليه أني أريد أن أسألك فقال لها سلي عما بدا لك فقالت مم تختلج شفتاك قال من تقبيلي إياك فقالت مم يختلج كشحاك قال لالتزامي إياك قالت فمم يختلج فخذاك