شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 65 - الجزء 1

  وأيضا فإنها لفظ واحد مفرد معرف بلام الجنس والأصل في مثل ذلك أن يفيد الجنسية المطلقة ولا يفيد الاستغراق فإن جاء منه شيء للاستغراق كقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢}⁣[العصر: ٢] وأهلك الناس الدرهم والدينار فمجاز والحقيقة ما ذكرناه، فأما قوله البلوغ المشارفة، يقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه فالأجود أن يقول قالوا بلغت المكان إذا شارفته وبين قولنا شارفته وأشرفت عليه فرق.

  وأما قوله وإذا لم يشرف على حمده بالقول فكيف يوصل إليه بالفعل فكلام مبني على أن الحمد قد يكون بالفعل وهو خلاف ما يقوله أرباب هذه الصناعة.

  وقوله والإله مصدر بمعنى المألوه كلام طريف أما أولا فإنه ليس بمصدر بل هو اسم كوجار للضبع وسرار للشهر، وهو اسم جنس كالرجل والفرس يقع على كل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على المعبود بالحق كالنجم اسم لكل كوكب، ثم غلب على الثريا والسنة اسم لكل عام، ثم غلب على عام القحط وأظنه | لما رآه فعالا ظن أنه اسم مصدر كالحصاد والجذاذ وغيرهما، وأما ثانيا فلأن المألوه صيغة مفعول وليست صيغة مصدر إلا في ألفاظ نادرة، كقولهم: ليس له معقول ولا مجلود ولم يسمع مألوه في اللغة؛ لأنه قد جاء أله الرجل إذا دهش وتحير وهو فعل لازم لا يبنى منه مفعول.

  ثم قال الراوندي وفي قول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}⁣[إبراهيم: ٣٤] بلفظ الإفراد وقول أمير المؤمنين # لا يحصي نعماءه العادون بلفظ الجمع سر عجيب؛ لأنه تعالى أراد أن نعمة واحدة من نعمه لا يمكن العباد عد وجوه كونها نعمة وأراد أمير المؤمنين # أن أصول نعمه لا تحصى لكثرتها فكيف تعد