شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 70 - الجزء 1

  مدة الشيء ومعنى الكلام أن شكري لله تعالى متجدد عند تجدد كل ساعة، ولهذا أبدل هذه الجملة من الجملة التي قبلها، وهي الثانية كما أبدل الثانية من الأولى.

  ولقائل أن يقول الوقت عند أهل النظر مقدار حركة الفلك لا نفس حركته والأجل ليس مطلق الوقت ألا تراهم يقولون جئتك وقت العصر ولا يقولون أجل العصر، والأجل عندهم هو الوقت الذي يعلم الله تعالى أن حياة الحيوان تبطل فيه، مأخوذ من أجل الدين، وهو الوقت الذي يحل قضاؤه فيه.

  فأما قوله: ومعنى الكلام أن شكري متجدد لله تعالى في كل وقت ففاسد ولا ذكر في هذه الألفاظ للشكر ولا أعلم من أين خطر هذا للراوندي وظنه أن هذه الجمل من باب البدل غلط؛ لأنها صفات كل واحدة منها صفة بعد أخرى كما تقول مررت بزيد العالم الظريف الشاعر.

  قال الراوندي: فأما قوله الذي ليس لصفته حد فظاهره إثبات الصفة له سبحانه وأصحابنا لا يثبتون لله سبحانه صفة كما يثبتها الأشعرية، لكنهم يجعلونه على حال أو يجعلونه متميزا بذاته، فأمير المؤمنين # بظاهر كلامه وإن أثبت له صفة إلا أن من له أنس بكلام العرب يعلم أنه ليس بإثبات على الحقيقة، وقد سألني سائل فقال هاهنا كلمتان إحداهما كفر والأخرى ليست بكفر، وهما لله تعالى شريك غير بصير ليس شريك الله تعالى بصيرا فأيهما كلمة الكفر؟ فقلت له: القضية الثانية، وهي ليس شريك الله تعالى بصيرا كفر؛ لأنها تتضمن إثبات الشريك، وأما الكلمة الأخرى فيكون معناها لله شريك غير بصير بهمزة الاستفهام المقدرة المحذوفة.