شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 75 - الجزء 1

  لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، وهذا هو دليل المعتزلة بعينه قالوا لو كان عالما بمعنى قديم لكان ذلك المعنى إما هو أو غيره أو ليس هو ولا غيره والأول باطل؛ لأنا نعقل ذاته قبل أن نعقل أو نتصور له علما والمتصور مغاير لما ليس بمتصور والثالث باطل أيضا؛ لأن إثبات شيئين أحدهما ليس هو الآخر ولا غيره معلوم فساده ببديهة العقل فتعين القسم الثاني وهو محال، أما أولا فبإجماع أهل الملة، وأما ثانيا فلما سبق من أن وجوب الوجود لا يجوز أن يكون لشيئين فإذا عرفت هذا فاعرف أن الإخلاص له تعالى قد يكون ناقصا، وقد لا يكون فالإخلاص الناقص هو العلم بوجوب وجوده وأنه واحد ليس بجسم ولا عرض ولا يصح عليه ما يصح على الأجسام والأعراض والإخلاص التام هو العلم بأنه لا تقوم به المعاني القديمة مضافا إلى تلك العلوم السابقة، وحينئذ تتم المعرفة وتكمل.

  ثم أكد أمير المؤمنين # هذه الإشارات الإلهية بقوله فمن وصف الله سبحانه، فقد قرنه وهذا حق؛ لأن الموصوف يقارن الصفة والصفة تقارنه.

  قال ومن قرنه فقد ثناه وهذا حق لأنه قد أثبت قديمين وذلك محض التثنية.

  قال ومن ثناه فقد جزأه وهذا حق لأنه إذا أطلق لفظة الله تعالى على الذات والعلم القديم فقد جعل مسمى هذا اللفظ وفائدته متجزئة كإطلاق لفظ الأسود على الذات التي حلها سواد.

  قال ومن جزأه فقد جهله وهذا حق؛ لأن الجهل هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به.

  قال: ومن أشار إليه فقد حده وهذا حق؛ لأن كل مشار إليه فهو محدود