شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 76 - الجزء 1

  ؛ لأن المشار إليه لا بد أن يكون في جهة مخصوصة وكل ما هو في جهة فله حد وحدود أي أقطار وأطراف.

  قال: ومن حده فقد عده، أي: جعله من الأشياء المحدثة وهذا حق؛ لأن كل محدود معدود في الذوات المحدثة.

  قال: ومن قال فيم فقد ضمنه وهذا حق؛ لأن من تصور أنه في شيء فقد جعله إما جسما مستترا في مكان أو عرضا ساريا في محل والمكان متضمن للتمكن، والمحل متضمن للعرض.

  قال ومن قال علام فقد أخلى منه وهذا حق؛ لأن من تصور أنه تعالى على العرش أو على الكرسي فقد أخلى منه غير ذلك الموضع وأصحاب تلك المقالة يمتنعون من ذلك ومراده # إظهار تناقض أقوالهم، وإلا فلو قالوا: هب أنا قد أخلينا منه غير ذلك الموضع، أي: محذور يلزمنا فإذا قيل لهم لو خلا منه موضع دون موضع لكان جسما ولزم حدوثه قالوا لزوم الحدوث والجسمية إنما هو من حصوله في الجهة لا من خلو بعض الجهات عنه، وأنتم إنما احتججتم علينا بمجرد خلو بعض الجهات منه فظهر أن توجيه الكلام عليهم إنما هو إلزام لهم لا استدلال على فساد قولهم، فأما القطب الراوندي فإنه قال في معنى قوله نفي الصفات عنه، أي: صفات المخلوقين قال؛ لأنه تعالى عالم قادر وله بذلك صفات فكيف يجوز أن يقال لا صفة له.

  وأيضا فإنه # قد أثبت لله تعالى صفة أولا حيث قال الذي ليس لصفته حد محدود، فوجب أن يحمل كلامه على ما يتنزه عن المناقضة.