1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم
  وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به ولا يطلقون عليه أنه سامع مبصر في الأزل؛ لأن السامع المبصر هو المدرك بالفعل لا بالقوة.
  وأما قوله متوحد إذ لا سكن يستأنس به ويستوحش لفقده فإذ هاهنا ظرف، ومعنى الكلام أن العادة والعرف إطلاق متوحد على من قد كان له من يستأنس بقربه ويستوحش ببعده فانفرد عنه، والبارئ سبحانه يطلق عليه أنه متوحد في الأزل ولا موجود سواه وإذا صدق سلب الموجودات كلها في الأزل صدق سلب ما يؤنس أو يوحش، فتوحده سبحانه بخلاف توحد غيره.
  وأما قوله # أنشأ الخلق إنشاء وابتدأه ابتداء فكلمتان مترادفتان على طريقة الفصحاء والبلغاء، كقوله سبحانه: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ٣٥}[فاطر: ٣٥] وقوله: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨].
  وقوله بلا روية أجالها فالروية الفكرة وأجالها رددها ومن رواه أحالها بالحاء أراد صرفها، وقوله: ولا تجربة استفادها، أي: لم يكن قد خلق من قبل أجساما فحصلت له التجربة التي أعانته على خلق هذه الأجسام.
  وقوله: ولا حركة أحدثها فيه رد على الكرامية الذين يقولون: إنه إذا أراد أن يخلق شيئا مباينا عنه أحدث في ذاته حادثا يسمى الأحداث، فوقع ذلك الشيء المباين عن ذلك المعنى المتجدد المسمى أحداثا.
  وقوله: ولا همامة نفس اضطرب فيها فيه رد على المجوس، والثنوية القائلين بالهمامة ولهم فيها خبط طويل يذكره أصحاب المقالات، وهذا يدل على صحة ما يقال إن أمير المؤمنين # كان يعرف آراء المتقدمين والمتأخرين ويعلم العلوم كلها وليس ذلك ببعيد من فضائله ومناقبه #.