شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي

صفحة 128 - الجزء 3

قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي

  قال ابن هلال الثقفي وروى محمد بن عبد الله بن عثمان، عن أبي سيف عن الحارث بن كعب الأزدي، عن عمه عبد الله بن قعين الأزدي قال: كان الخريت بن راشد الناجي أحد بني ناجية قد شهد مع علي # صفين، فجاء إلى علي # بعد انقضاء صفين وبعد تحكيم الحكمين في ثلاثين من أصحابه يمشي بينهم حتى قام بين يديه، فقال: لا والله، لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك وإني غدا لمفارق لك، فقال له: ثكلتك أمك إذا تنقض عهدك وتعصي ربك ولا تضر إلا نفسك أخبرني لم تفعل ذلك قال: لأنك حكمت في الكتاب وضعفت عن الحق إذ جد الجد، وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم فأنا عليك راد وعليهم ناقم ولكم جميعا مباين.

  فقال له علي #: ويحك هلم إلي أدارسك وأناظرك في السنن، وأفاتحك أمورا من الحق أنا أعلم بها منك، فلعلك تعرف ما أنت الآن له منكر وتبصر ما أنت الآن عنه عم وبه جاهل، فقال الخريت: فإني غاد عليك غدا فقال علي #: اغد ولا يستهوينك الشيطان ولا يتقحمن بك رأي السوء، ولا يستخفنك الجهلاء الذين لا يعلمون، فو الله إن استرشدتني واستنصحتني وقبلت مني لأهدينك سبيل الرشاد.

  فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله.

  قال عبد الله بن قعين: فعجلت في أثره مسرعا وكان لي من بني عمه صديق، فأردت أن ألقى ابن عمه في ذلك فأعلمه بما كان من قوله لأمير المؤمنين، وآمر ابن عمه أن يشتد بلسانه عليه وأن يأمره بطاعة أمير المؤمنين ومناصحته ويخبره أن ذلك خير له في عاجل الدنيا وآجل الآخرة.

  قال: فخرجت حتى انتهيت إلى منزله وقد سبقني فقمت عند باب دار فيها رجال من أصحابه لم يكونوا شهدوا معه دخوله على أمير المؤمنين #، فو الله ما رجع