قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي
  ولا ندم على ما قال لأمير المؤمنين وما رد عليه ولكنه قال لهم: يا هؤلاء، إني قد رأيت أن أفارق هذا الرجل وقد فارقته على أن أرجع إليه من غد، ولا أرى إلا المفارقة، فقال له: أكثر أصحابه لا تفعل حتى تأتيه، فإن أتاك بأمر تعرفه قبلت منه، وإن كانت الأخرى فما أقدرك على فراقه، قال لهم: نعم ما رأيتم.
  قال: فاستأذنت عليهم فأذنوا لي فأقبلت على ابن عمه وهو مدرك بن الريان الناجي، وكان من كبراء العرب، فقلت له: إن لك على حقا لإحسانك وودك وحق المسلم على المسلم إن ابن عمك كان منه ما قد ذكر لك فأخل به فاردد عليه رأيه وعظم عليه ما أتى، واعلم أني خائف إن فارق أمير المؤمنين أن يقتلك ونفسه وعشيرته، فقال: جزاك الله خيرا من أخ إن أراد فراق أمير المؤمنين # ففي ذلك هلاكه وإن اختار مناصحته والإقامة معه ففي ذلك حظه ورشده.
  قال: فأردت الرجوع إلى علي # لأعلمه الذي كان، ثم اطمأننت إلى قول صاحبي فرجعت إلى منزلي فبت، ثم أصبحت فلما ارتفع النهار أتيت أمير المؤمنين #، فجلست عنده ساعة وأنا أريد أن أحدثه بالذي كان على خلوة، فأطلت الجلوس ولا يزداد الناس إلا كثرة فدنوت منه فجلست وراءه فأصغى إلي برأسه فأخبرته بما سمعته من الخريت، وما قلت لابن عمه وما رد علي فقال #: دعه فإن قبل الحق ورجع عرفنا له ذلك وقبلناه منه، فقلت: يا أمير المؤمنين، فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه؟ فقال: إنا لو فعلنا هذا بكل من يتهم من الناس ملأنا السجون منهم، ولا أراني يسعني الوثوب بالناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف.
  قال: فسكت عنه وتنحيت، فجلست مع أصحابي هنيهة، فقال لي #: