شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم

صفحة 82 - الجزء 1

  فأما القطب الراوندي، فإنه قال: معنى قوله #: (كائن لا عن حدث موجود لا عن عدم، أنه لم يزل موجودا ولا يزال موجودا فهو باق أبدا كما كان موجودا أولا)، وهذا ليس بجيد؛ لأن اللفظ لا يدل على ذلك ولا فيه تعرض بالبقاء فيما لا يزال.

  وقال: أيضا قوله: # لا يستوحش كلام مستأنف ولقائل أن يقول كيف يكون كلاما مستأنفا والهاء في فقده ترجع إلى السكن المذكور أولا.

  وقال أيضا: (يقال ما له في الأمر همة ولا همامة) أي لا يهم به والهمامة التردد كالعزم ولقائل أن يقول العزم هو إرادة جازمة حصلت بعد التردد فبطل قوله أن الهمامة هي نفس التردد كالعزم، وأيضا فقد بينا مراده # بالهمامة، حكى زرقان في كتاب المقالات وأبو عيسى الوراق والحسن بن موسى، وذكره شيخنا أبو القاسم البلخي في كتابه في المقالات أيضا عن الثنوية أن النور الأعظم اضطربت عزائمه وإرادته في غزو الظلمة والإغارة عليها، فخرجت من ذاته قطعة وهي الهمامة المضطربة في نفسه فخالطت الظلمة غازية لها فاقتطعتها الظلمة عن النور الأعظم وحالت بينها وبينه، وخرجت همامة الظلمة غازية للنور الأعظم فاقتطعها النور الأعظم عن الظلمة ومزجها بأجزائه وامتزجت همامة النور بأجزاء الظلمة أيضا، ثم ما زالت الهمامتان تتقاربان