شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع

صفحة 158 - الجزء 3

  في الحديث الصحيح المرفوع إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب.

  من كلام الحكماء من ظفر بالقناعة، فقد ظفر بالكيمياء الأعظم.

  الحسن: الحريص الراغب والقانع الزاهد كلاهما مستوف أجله مستكمل أكله غير مزداد ولا منتقص مما قدر له فعلام التقحم في النار.

  ابن مسعود رفعه: إنه ليس أحد بأكيس من أحد قد كتب النصيب والأجل، وقسمت المعيشة والعمل والناس يجرون منهما إلى منتهى معلوم.

  المسيح # انظروا إلى طير السماء تغدو وتروح ليس معها شيء من أرزاقها لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها، فإن زعمتم أنكم أوسع بطونا من الطير، فهذه الوحوش من البقر والحمر لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها.

  سويد بن غفلة كان إذا قيل له قد ولي فلان يقول حسبي كسرتي وملحي.

  وفد عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك فشكا إليه خلته، فقال له: ألست القائل:

  لقد علمت وما الإشراف من خلقي ... أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

  أسعى له فيعنيني تطلبه ... ولو قعدت أتاني لا يعنيني

  فكيف خرجت من الحجاز إلى الشام تطلب الرزق، ثم اشتغل عنه فخرج وقعد على ناقته ونصها راجعا إلى الحجاز، فذكره هشام في الليل، فسأل عنه فقيل إنه رجع إلى الحجاز فتذمر وندم، وقال رجل: قال حكمة ووفد علي مستجديا فجبهته،