شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع

صفحة 159 - الجزء 3

  ورددته، ثم وجه إليه بألفي درهم فجاء الرسول وهو بالمدينة فدفعها إليه، فقال له: قل لأمير المؤمنين كيف رأيت سعيت، فأكديت وقعدت في منزلي، فأتاني رزقي.

  عمر بن الخطاب تعلم أن الطمع فقر وأن اليأس غنى ومن يئس من شيء استغنى عنه أهدي لرسول الله ÷ طائران، فأكل أحدهما عشية، فلما أصبح طلب غداء فأتته بعض أزواجه بالطائر الآخر، فقال: ألم أنهك أن ترفعي شيئا لغد، فإن من خلق الغد خلق رزقه وفي الحديث المرفوع قد أفلح من رزق كفافا وقنعه الله بما آتاه من حكمة سليمان # قد جربنا لين العيش وشدته، فوجدنا أهنأه أدناه وهب في قوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}⁣[النحل: ٩٧] قال: القناعة.

  بعض حكماء الشعراء:

  فلا تجزع إذا أعسرت يوما ... فقد أيسرت في الدهر الطويل

  ولا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل

  وإن العسر يتبعه يسار ... وقيل الله أصدق كل قيل

  ولو أن العقول تجر رزقا ... لكان المال عند ذوي العقول

  عائشة: قال لي رسول الله ÷ إن أردت اللحوق بي فيكفيك من الدنيا زاد الراكب، ولا تخلقي ثوبا حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء