شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خروج علي لحرب معاوية وما دار بينه وبين أصحابه

صفحة 176 - الجزء 3

  وقام من بني عبس قائد بن بكير وعياش بن ربيعة العبسيان، فقالا: يا أمير المؤمنين إن صاحبنا عبد الله بن المعتم قد بلغنا أنه يكاتب معاوية فاحبسه أو مكنا من حبسه حتى تنقضي غزاتك، ثم تنصرف.

  فقالا: هذا جزاء لمن نظر لكم وأشار عليكم بالرأي فيما بينكم وبين عدوكم.

  فقال لهما علي #: الله بيني وبينكم وإليه أكلكم، وبه أستظهر عليكم اذهبوا حيث شئتم قال نصر: وبعث علي # إلى حنظلة بن الربيع المعروف بحنظلة الكاتب، وهو من الصحابة، فقال له: يا حنظلة، أنت علي أم لي؟ فقال: لا لك ولا عليك.

  قال: فما تريد قال اشخص إلى الرها، فإنه فرج من الفروج اصمد له حتى ينقضي هذا الأمر.

  فغضب من قوله خيار بني عمرو بن تميم وهم رهطه، فقال: إنكم والله لا تغروني من ديني دعوني، فأنا أعلم منكم، فقالوا: والله إن لم تخرج مع هذا الرجل لا ندع فلانة تخرج معك لأم ولده ولا ولدها، ولئن أردت ذلك لنقتلنك.

  فأعانه ناس من قومه واخترطوا سيوفهم، فقال: أجلوني حتى أنظر ودخل منزله وأغلق بابه حتى إذا أمسى هرب إلى معاوية، وخرج من بعده إليه من قومه رجال كثير، وهرب ابن المعتم أيضا حتى أتى معاوية في أحد عشر رجلا من قومه.

  وأما حنظلة فخرج إلى معاوية في ثلاثة وعشرين رجلا من قومه لكنهما لم يقاتلا مع معاوية واعتزلا الفريقين جميعا.