شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين

صفحة 212 - الجزء 3

  قال نصر: فلما قطع علي # الفرات دعا زياد بن النضر، وشريح بن هانئ، فسرحهما أمامه نحو معاوية على حالهما الذي كانا عليه حين خرجا من الكوفة في اثني عشر ألفا، وقد كانا حيث سرحهما من الكوفة مقدمة له أخذا على شاطئ الفرات من قبل البر مما يلي الكوفة حتى بلغا عانات، فبلغهم أخذ علي # طريق الجزيرة، وعلما أن معاوية قد أقبل في جنود الشام من دمشق لاستقباله، فقالا: والله، ما هذا برأي أن نسير وبيننا وبين أمير المؤمنين هذا البحر، وما لنا خير في أن نلقى جموع الشام في قلة من العدد منقطعين عن المدد، فذهبوا ليعبروا من عانات ف، منعهم أهلها وحبسوا عنهم السفن، فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت ولحقوا عليا # بقرية دون قرقيسيا، فلما لحقوا عليا # عجب وقال: مقدمتي تأتي من ورائي، فقام له زياد، وشريح، وأخبراه بالرأي الذي رأيا، فقال: قد أصبتما رشدكما فلما عبروا الفرات قدمهما أمامه نحو معاوية، فلما انتهيا إلى معاوية لقيهما أبو الأعور السلمي في جنود من أهل الشام، وهو على مقدمة معاوية فدعواه إلى الدخول في طاعة أمير المؤمنين #، فأبى، فبعثوا إلى علي # إنا قد لقينا أبا الأعور السلمي بسور الروم في جند من أهل الشام، فدعوناه وأصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبى علينا، فمرنا بأمرك.

  فأرسل علي # إلى الأشتر، فقال: يا مال، إن زيادا وشريحا أرسلا إلي يعلمانني أنهما لقيا أبا الأعور السلمي في جند من أهل الشام بسور الروم، ونبأني الرسول أنه تركهم متواقفين فالنجاء النجاء إلى أصحابك، فإذا أتيتهم فأنت عليهم، وإياك أن تبدأ القوم بقتال إن لم يبدءوك، وألقهم واسمع منهم ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم قبل