فصول في العلم الإلهي
  وقال ابن سينا: إن الطريقة الأولى وهي الاستدلال عليه بالوجود نفسه أعلى وأشرف؛ لأنه لم يحتج فيها إلى الاحتجاج بأمر خارج عن ذاته واستنبط آية من الكتاب العزيز في هذا المعنى، وهي قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: ٥٣].
  قال ابن سينا: أقول إن هذا حكم لقوم يعني المتكلمين وغيرهم ممن يستدل عليه تعالى بأفعاله وتمام الآية {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٥٣}[فصلت: ٥٣].
  قال هذا حكم الصديقين الذين يستشهدون به لا عليه يعني الذين استدلوا عليه بنفس الوجود، ولم يفتقروا إلى التعلق بأفعاله في إثبات ربوبيته.
  الفصل الثالث: في أن هويته تعالى غير هوية البشر
  وذلك معنى قوله # وامتنع على عين البصير وقوله ولا قلب من أثبته يبصره، وقوله: ولم يطلع العقول على تحديد صفته فنقول: إن جمهور المتكلمين زعموا أنا نعرف حقيقة ذات الإله ولم يتحاشوا من القول بأنه تعالى لا يعلم من ذاته إلا ما نعلمه نحن منها، وذهب ضرار بن عمرو أن لله تعالى ماهية لا يعلمها إلا هو وهذا هو مذهب