شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصول في العلم الإلهي

صفحة 223 - الجزء 3

  الفلاسفة، وقد حكي عن أبي حنيفة وأصحابه أيضا، وهو الظاهر من كلام أمير المؤمنين # في هذا الفصل.

  الفصل الرابع: في نفي التشبيه عنه تعالى

  وهو معنى قوله #: بعد وقرب، أي: في حال واحدة وذلك يقتضي نفي كونه تعالى جسما، وكذلك قوله #: فلا استعلاؤه باعده ولا قربه ساواهم في المكان به، فنقول إن مذهب جمهور المتكلمين نفي التشبيه، وهذا القول يتنوع أنواعا.

  النوع الأول، نفي كونه تعالى جسما مركبا أو جوهرا فردا غير مركب، والمراد بالجوهر هاهنا الجرم والحجم، وهو قول المعتزلة وأكثر محققي المتكلمين من سائر الفرق، وإليه ذهبت الفلاسفة أيضا.

  وقال قوم من مستضعفي المتكلمين خلاف ذلك، فذهب هشام بن الحكم إلى أنه تعالى جسم مركب كهذه الأجسام واختلفت الحكاية عنه فروي عنه أنه قال: إنه يشبر نفسه سبعة أشبار، وروي عنه أنه قال إنه على هيئة السبيكة، وروي عنه أنه قال: إنه على هيئة البلورة الصافية المستوية الاستدارة من حيث أتيتها رأيتها على هيئة واحدة، وروي عنه أيضا قال: إنه ذو صورة وأصحابه من الشيعة يدفعون اليوم هذه الحكايات عنه ويزعمون أنه لم يزد على قوله أنه جسم لا كالأجسام، وأنه إنما أراد بإطلاق هذا اللفظ عليه إثباته.