فصول في العلم الإلهي
  وقال برغوث: وطائفة منهم يقولون: هو الفضاء نفسه وهو جسم تحل الأشياء فيه، وليس بذي غاية ولا نهاية، واحتجوا بقوله تعالى: (وَجاهِدُوا فِي اَللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ).
  فأما من قال: إنه جسم لا كالأجسام على معنى أنه بخلاف العرض الذي يستحيل أن يتوهم منه فعل ونفوا عنه معنى الجسمية وإنما أطلقوا هذه اللفظة لمعنى أنه شيء لا كالأشياء وذات لا كالذوات فأمرهم سهل؛ لأن خلافهم في العبارة وهم علي بن منصور والسكاك ويونس بن عبد الرحمن، والفضل بن شاذان وكل هؤلاء من قدماء رجال الشيعة، وقد قال بهذا القول ابن كرام وأصحابه قالوا: معنى قولنا فيه سبحانه أنه جسم أنه قائم بذاته لا بغيره.
  والمتعصبون لهشام بن الحكم من الشيعة في وقتنا هذا يزعمون أنه لم يقل بالتجسيم المعنوي، وإنما قال: إنه جسم لا كالأجسام بالمعنى الذي ذكرناه عن يونس والسكاك وغيرهما، وإن كان الحسن بن موسى النوبختي، وهو من فضلاء الشيعة، قد روي عنه التجسيم المحض في كتاب الآراء والديانات.
  النوع الثاني: نفي الأعضاء والجوارح عنه سبحانه، فالذي يذهب إليه المعتزلة وسائر المحققين من المتكلمين نفي ذلك عنه، وقد تأولوا ما ورد في القرآن العزيز من ذلك من نحو قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥] وقوله سبحانه {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٦] وغير ذلك، وحملوه على وجوه صحيحة جائزة في اللغة العربية.
  وأطلقت الكرامية عليه سبحانه لفظ اليدين والوجه، وقالوا: لا نتجاوز الإطلاق