فصول في العلم الإلهي
  البارئ قوم من قدماء الفلاسفة منهم فرفريوس، وأجازه أيضا منهم من ذهب إلى أن النفس إنما تعقل المعقولات لاتحادها بالجوهر المفارق المفيض للنفوس على الأبدان، وهو المسمى بالعقل الفعال.
  النوع السابع: في نفي الأعراض الجسمانية عنه من التعب، والاستراحة، والألم، واللذة، والغم، والسرور، ونحو ذلك.
  وذهبت المعتزلة وأكثر العقلاء من أهل الملة وغيرهم إلى نفي ذلك، والقول باستحالته عليه سبحانه.
  وذهبت الفلاسفة إلى جواز اللذة عليه، وقالوا: إنه يلتذ بإدراك ذاته وكماله؛ لأن إدراك الكمال هو اللذة أو سبب اللذة وهو تعالى أكمل الموجودات وإدراكه أكمل الإدراكات، وإلى هذا القول ذهب محمد الغزالي من الأشعرية.
  وحكى ابن الراوندي عن الجاحظ: أن أحد قدماء المعتزلة ويعرف بأبي شعيب كان يجوز عليه تعالى السرور والغم، والغيرة، والأسف، ويذكر في ذلك ما روي عن النبي ÷ أنه قال: لا أحد أغير من الله وإنه تعالى يفرح بتوبة عبده ويسر بها.
  وقال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}[الزخرف: ٥٥] وقال مقال المتحسر على الشي ء: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}[يس: ٣٠]، و حكي عنه أيضا أنه يجوز عليه أن يتعب ويستريح ويحتج بقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ٣٨}[ق: ٣٨].