شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

50 - ومن خطبة له #

صفحة 240 - الجزء 3

٥٠ - ومن خطبة له #

  (إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَلَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَيَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنَى) المرتاد الطالب والضغث من الحشيش القبضة، منه قال الله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا}⁣[ص: ٤٤].

  يقول # إن المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة التي يفتتن الناس بها أصلها اتباع الأهواء وابتداع الأحكام التي لم تعرف يخالف فيها الكتاب، وتحمل العصبية والهوى على تولي أقوام قالوا بها على غير وثيقة من الدين ومستند وقوع هذه الشبهات امتزاج الحق بالباطل في النظر الذي هو الطريق إلى استعلام المجهولات، فلو أن النظر تخلص مقدماته وترتب قضاياه من قضايا باطلة لكان الواقع عنه هو العلم المحض، وانقطع عنه ألسن المخالفين وكذلك لو كان النظر تخلص مقدماته من قضايا صحيحة بأن كان كله مبنيا