الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

أقوال القائلين بالإرجاء:

صفحة 409 - الجزء 2

  فاسدة، ومخايل لا تعود بفائدة؛ لأن الله تعالى يقول: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا} الآية، وهؤلاء يؤملون الغفران مع الاستمرار والإصرار على العصيان، فظهر لك أيها المسترشد ما عليه [القوم]⁣(⁣١) من البطلان.

أقوال القائلين بالإرجاء:

  وإذا قد عرفت أن المخالفين على أربعة أقوال:

  الأول: القطع بعدم ورود وعيد على أحد من المسلمين، وهذا قول مقاتل بن سليمان ومن معه، وحملوا كل لفظ عام نحو: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ٧٤}، {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}، أن ليس المراد به إلا الكفار وإن كان اللفظ عاماً فهو عام مراد به الخاص.

  الثاني: القطع بتوجه الوعيد ووروده على عصاة المسلمين، ثم يَدَّعون أنه مشروط في المعنى، فيقولون في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}⁣[النساء ٩٣]: إن جازاه، أو إن لم يعف عنه، أو تقدير استثناء، وأن المراد: إلا أن أعفو عنه، وهذا قول أبي شَمَّر من المعتزلة ومن وافقهم، وينظر هل يقطعون بتخلفه أو يجوزون ذلك؟

  القول الثالث: القطع بورود الوعيد على الفساق ووصوله إليهم، ثم يقطعون بانقطاعه عنهم وخروجهم من النار، وهذا قول زرقان⁣(⁣٢) من المعتزلة، وهو قول الأشعرية والمحدثين.

  القول الرابع: التوقف في شأن عصاة المسلمين الفساق، ولا يعلم حكمهم، بل يُجَوَّز دخولهم النار وعدمه، وتخليدهم وعدمه، وهذا مذهب أبي حنيفة ومن


(١) أضيفت هذه الكلمة لاتساق الكلام.

(٢) محمد بن شداد بن عيسى، أبو يعلى المسمعي، ويلقب بزرقان: من أئمة المعتزلة، وكان من أصحاب النظام، له مجالس وكتب منها كتاب المقالات. توفي ببغداد سنة ٢٧٨ هـ. (الأعلام للزركلي).