الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[ما يتمسك به من أقر بالوعيد على أهل الكبائر وقطع بتخلفه لشرط واستثناء مقدر]

صفحة 420 - الجزء 2

  على ذلك الآية المذكورة قبل هذه، وهي قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٧١ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}⁣[التوبة ٧١]، أي: المذكورين الموصوفين بما ذكر.

  الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}⁣[البقرة ٥٢].

  قلنا: قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} دليل على أنه إنما عفا عنهم في الدنيا، بأن لم يعجل عقابهم على ما فعلوه من قتل النفس وكتمان القاتل، فأمرهم بذبح البقرة وضربه ببعضها ليحيا بإذن الله تعالى ويخبرهم من قاتله، ثم إن تابوا وندموا وشكروا سقط عنهم العقاب الأخروي، وإلا فلا.

  الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}⁣[آل عمران ١٥٥].

  قلنا: المراد عفا عن عقابهم في الدنيا، فأما في الآخرة فالدليل قائم على أنه لا بد منه لمن لم يتب؛ بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ ١٥ وَمَنْ يُوَلهِمْ يَوْمئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}⁣[الأنفال].