[ما يتمسك به القائلون بوصول الوعيد على أهل الكبائر ودخولهم النار وخروجهم منها]
[ما يتمسك به القائلون بوصول الوعيد على أهل الكبائر ودخولهم النار وخروجهم منها]:
  وأما ما يتمسك به القائلون بوصول الوعيد على أهل الكبائر ودخولهم النار ثم يدعون خروجهم منها:
  فالآية السادسة عشرة: قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ١٠٦ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٠٧}[هود]، واستدلالهم على ذلك من ثلاثة أوجه:
  أحدها: تعليق بقائهم في النار بدوام السماوات والأرض، وهي زائلة، وما علق بالزائل فهو زائل.
  ثانيها: الاستثناء بقوله: {إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} والمراد إخراج الفساق دون الكفار.
  وثالثها: قوله: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} يعني: من أخرج(١) البعض وهم الفساق، وإبقاء البعض وهم الكفار.
  قلنا: المراد بسماوات الآخرة وأرضها، وهما دائمتان؛ إذ التعليق ببقاء سماوات الدنيا وأرضها مستحيل؛ لأنه في ذلك اليوم قد انقضى وجودهما، والتعليق بما قد انقضى مستحيل، أو أن المراد التبعيد دون التوقيت، تقول العرب: لاآتينك ما دام ثبير وما دام أحد، وقال تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف ٤٠]، وقال الشاعر:
  إذا شابَ الغرابُ أتيتُ أهلي ... وصار القارُ كاللبنِ الحليب
  والاستثناء في قوله تعالى: {إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ} المراد به: إلا ما شاء من لبثهم في عرصة المحشر للحساب، ووقت المرور على الصراط عند من يجعله حقيقة؛
(١) «إخراج» ظ.